برنامج التدوين المسائي
برنامج زدني للتدوين المسائي
بقلم الدكتورة فاطمة البريكي
كن جزءا من المدونين المسائيين، واعرف ذاتك الماضية والحاضرة، وقم بتشكيل ذاتك المستقبلية، بوعي ومحبّة.
تعريف التدوين المسائي
هو كتابة مسائية يقوم فيها الشخص بتدوين أفكاره ومشاعره وتجارب اليوم قبل النوم. يتيح التدوين في المساء فرصة تفريغ العقل، والتأمل في الأحداث التي مر بها، سواء كانت إيجابية أو سلبية. ليس من الضروري أن يكون الشخص كاتبًا ماهرًا؛ الفكرة هي التركيز على التعبير عن النفس بحرية على الورق أو بأي وسيلة.
أهمية التدوين المسائي لأي شخص: للكاتب وغير الكاتب
الأمر بسيط جدًّا، لمن اعتاد ممارسة التدوين صباحًا أو مساء، ولمن لم يجرّبه من قبل، لكن فوائده كبيرة جدًّا جدًّا، خاصة لمن يبحث عن طرق لتحسين حياته النفسية أو تنظيم أفكاره.
- التخلص من التوتر وتحسين النوم
قد نذهب إلى الفراش ونحن محمّلون بالأفكار المزعجة والضغوط اليومية، لكن بالتدوين قبل النوم، يمكننا تفريغ هذه الأفكار، والاستمتاع بذهنٍ صافٍ، وعقل أكثر هدوءًا، مما يسهم في تحسين جودة النوم.
- تنظيم الأفكار
نتعرض خلال اليوم للكثير من المعلومات والمشاعر بشكل عشوائي، لذلك يأتي التدوين المسائي ليمنحنا فرصة تنظيم أفكارنا وتحديد أولوياتنا، والتركيز على الأمور التي ستسهم في تشكيل مستقبلنا.
- توسيع الرؤية، لإدراك جوانب حياتنا المختلفة
عندما نكتب عن تجاربنا اليومية، نستطيع رؤية الأمور من منظور آخر. هذا يمكن أن يساعدنا على فهم ما يحدث في حياتنا بطريقة أوضح، سواء كان ذلك في العمل، أو العلاقات، أو حتى الأهداف الشخصية.
- تنمية الامتنان
عندما ندوّن على نحو منتظم، نبدأ في ملاحظة الأشياء الجيدة حولنا وفي حياتنا، حتى إن كانت بسيطة، ويحرِف أنظارنا عن الأشياء السيئة التي تنجح عادة في الاستحواذ على اهتمامنا، مما يُشعرنا بإنهاك نفسي. التدوين المسائي بالذات يساعدنا على تقدير هذه اللحظات والشعور بالامتنان، مما يعزز من حالتنا النفسية.
- تطوير الذات
التدوين المسائي وسيلة فاعلة للتأمل في النفس وتقييم التقدم الشخصي. يمكننا تسجيل الأهداف التي نحققها والتحديات التي نواجهها من رؤية التقدم الذي نحرزه بشكل يومي.
مثال توضيحي
تخيل أنك في نهاية يوم طويل مليء بالأحداث، لكن بدلًا من الذهاب إلى النوم وأنت متوتر أو قلق، تجلس بضع دقائق للكتابة عن يومك. قد تكتب عن اللحظة التي شعرت فيها بالسعادة عندما تحدثت مع صديق عزيز، أو عن الموقف الصعب الذي واجهته وكيف تجاوزته، أو أي شيء يخطر في بالك.
بعد الكتابة، ستشعر أنك تخلصت من الأفكار المزعجة، وأصبحتَ أكثر استعدادًا للنوم بسلام.
ببساطة، التدوين المسائي هو وسيلة سهلة ومجانية للعناية بصحتك النفسية والعقلية، وتنظيم حياتك بطريقة فعالة دون أي ضغوط إضافية.
التدوين المسائي والتدوين الصباحي: مقارنة
هناك بعض الفروقات المهمة بين التدوين المسائي والتدوين الصباحي، من حيث الأهداف، والتأثير النفسي، والزمان الذي يتم فيه كل واحد منهما، وهذه بعض التفاصيل للتوضيح:
التدوين الصباحي
الهدف الرئيسي
يركز التدوين الصباحي على تحديد النية والأهداف لليوم الجديد، بهدف التحضير لليوم بنظرة إيجابية، مع ترتيب الأولويات. وهو يُستخدم كوسيلة للتخطيط الذهني والنفسي.
الفوائد النفسية
– المساعدة في تنظيم الأفكار والأهداف قبل بدء اليوم، مما يعزز الإنتاجية والتركيز.
– المساهمة في رفع مستوى التحفيز، والاستعداد للتحديات.
– تعزيز الامتنان والتفاؤل، بتحديد نوايا إيجابية لليوم.
المحتوى
قد يتضمن التدوين الصباحي:
– كتابة أهداف اليوم.
– التأمل في شيء تشعر بالامتنان له، أو شيء يجعلك متفائلًا.
– تخطيط مهامك وأولوياتك.
– تحديد رسالة لليوم (مثل: “اليوم سأركز على البقاء هادئًا في مواجهة التحديات”).
الزمن
يتم عادة في الصباح الباكر، قبل بدء الأنشطة اليومية، وهو وسيلة لضبط العقل على الاستعداد والنشاط.
التدوين المسائي
الهدف الرئيسي
يركز التدوين المسائي عادة على التفريغ العاطفي، وتحليل أحداث اليوم؛ أي أنه فرصة لمراجعة كل ما مررت به خلال اليوم، وتحليل ما شعرت به في المواقف سواء كانت إيجابية أو سلبية، بالإضافة إلى كونه فرصةً للتخلص من التوتر أو الضغوط قبل النوم.
الفوائد النفسية
– المساعدة في تفريغ الأفكار والمشاعر التي قد تبقى عالقة في الذهن، وتسبب القلق أو الأرق.
– تحسين جودة النوم، حيث يُفْرِغُ العقلَ من الأفكار المزعجة.
– تعزيز الوعي الذاتي، بالتأمل في التجارب الشخصية على مدار اليوم.
المحتوى
قد يتضمن التدوين المسائي ما يلي:
– تلخيص أحداث اليوم.
– تسجيل المشاعر التي شعرت بها خلاله (إيجابية أو سلبية).
– كتابة ما تعلمته من تجارب يومًا بيوم.
– التفكير في الأشياء التي قد تود تحسينها في المستقبل.
الزمن
يتم عادة في نهاية اليوم، قبل النوم، وهو وسيلة للتهدئة، والتأمل قبل الانتقال إلى حالة الراحة.
هذا عادة، لكن في البرنامج الذي سأطرحه مطلع أكتوبر، لمدة 3 شهور، سيكون هناك مسار تصاعدي محددٌ مسبقًا لتوجيه المشتركين فيه للكتابة بطريقة تضمن تحقيق النتائج المرجوّة.
فإذا كان التدوين الصباحي يركز على وضع أهداف، وتحقيق وضوح ذهني لتحسين الإنتاجية والتفاؤل لبداية اليوم الجديد، فإن التدوين المسائي هو نوع من التأمل والانعكاس الذاتي على اليوم الماضي، ويهدف إلى التخلص من الأفكار السلبية وتقييم الأحداث. ولكل واحد منهما له فوائد فريدة، ويمكن استخدام كلا النوعين معًا لخلق توازن بين التأمل اليومي وتحديد الأهداف، ولا يمكن المفاضلة بينهما، أما اختيار أحدهما على الآخر فهو رهن الظروف. وقد اخترتُ في “برنامج زدني للتدوين” أن أركز على التدوين المسائي لسببين رئيسيين:
- أن التدوين الصباحي يحتاج لوقت هادئ، يصعب توفيره في حياتنا ذات الإيقاع السريع: في حالة النفير الصباحي مع استعداد أبنائنا للذهاب للمدرسة، أو استعدادنا نحن للذهاب للعمل، والخروج قبل زحمة السير، وغيرها من الظروف الخارجة عن إرادتنا والتي تختلف باختلاف الناس والمناطق والتوقيت و…إلخ، فهو يمكن أن يكون مناسبًا لبعض الناس، أو لمن يتمكن من الالتزام بالاستيقاظ باكرًا -قبل الطيور- يوميًّا، أو حين نكون في إجازة، أما غير ذلك فأغلب الناس لا يستطيعون الالتزام به لفترات طويلة، وأنا أولهم، إذ تحوّل عندي منذ مدة طويلة إلى تدوين مسائي، ووجدتُه أكثر قابلية للالتزام به والانضباط، إلى حدّ ما.
- السبب الثاني هو أن هدفي من برنامج التدوين هذا -ونحن مقبلون على نهاية عام وبداية عام جديد- هو الوصول لحالة أشبه بالتفريغ، للتخلص من المشاعر السلبية الكامنة والدفينة، وتعزيز الشعور والامتنان للحظة الحاضرة، استعدادًا للبدء ببناء نسخة أفضل من ذاتي في الربع الأخير من هذا العام، قبل بداية السنة الجديدة، وكل هذا يكون استحضاره في الليل، في نهاية اليوم، أفضل بكثير من استحضاره في بداية اليوم التي تحتاج لمزاج تحفيزي، متفائل.
ومن هنا أود أن أؤكد أن “برنامج زدني للتدوين المسائي” ليس مجرد وسيلة لتسجيل الأحداث اليومية، بل هو أداة قوية لتعزيز النمو الشخصي، وتحسين الصحة النفسية، وتطوير العلاقات مع الذات والعالم.
برنامج زدني للتدوين المسائي
المدة والأقسام
يمتد “برنامج زدني للتدوين المسائي” لثلاثة شهور، من (1 أكتوبر 2024) حتى (31 ديسمبر 2024)، وَفْقَ خطة مكونة من ثلاثة أقسام رئيسية، شهر لكل قسم، مع تخصيص هدف لكل شهر كما يلي:
- شهر أكتوبر: مخصص للتركيز على الماضي، والبحث في مواضع القوة والضعف، ومراجعة الأحداث والأخطاء والتجارب القديمة التي قد تحمّلنا مشاعر الذنب القاسية، أو النقد اللاذع اللاواعي للذات.
- شهر نوفمبر: مخصص للتأمل في الحاضر، سعيًا للتعافي من الماضي عبر وعي اللحظة الحالية، وتعلم كيفية العيش بامتنان واطمئنان، مع الاستفادة من الأدوات المقترحة للمساعدة في بناء ذواتنا المستقبلية كما نريد لها أن تكون، وليس كما شكّلتها الظروف.
- شهر ديسمبر: مخصص للتحضير للمستقبل، بهدف إعادة بناء الذات وَفْق الدروس المستفادة، مع محاولة وضع خطة شاملة للعام الجديد بروح أكثر خفةً وانتعاشًا.
كل أسبوع من كل شهر سيُطرَح موضوع جديد، يساعدك على الغوص في طبقات أعمق من أفكارك ومشاعرك، لاستكشاف جوانب مختلفة من النمو الشخصي والتأمل. تجمع بين التأمل الذاتي، والتقييم الشخصي، والتخطيط المستقبلي، بتوازن واعتدال ما بين الإبداع، والنمو العاطفي، وتعمل على توجيهك عبر أسئلة متنوعة كل مساء لتفكر في المسار دون تشتت، حتى تحقق الفائدة بنهاية الشهور الثلاثة، وهي:
- التعمق في فهم مشاعرك وأفكارك
- تحديد أهدافك بوضوح
- تطوير علاقاتك
- رعاية نفسك بشكل متوازن
- اكتساب عادات إيجابية جديدة
لذلك لا تفرّط بها، واحرص على الاشتراك في التجربة، والالتزام بها.
سيُعرض البرنامج من خلال حسابات التواصل الاجتماعي الخاص بي على الإنستاغرام، وعلى ثريدز، وعلى الفيسبوك، وأيضًا هنا على منصة زدني، تحت المكتبة الإعلامية، بعنوان “برنامج زدني للتدوين المسائي”. وهذا سيتيح للمهتمين الوصول إلى المنشورات المخصصة للبرنامج، والالتزام بالتدوين المسائي وفْق المطلوب ليلة بليلة.
كما يمكن مشاركة التقدم اليومي لمن يرغب من المتابعين أو المهتمين، بإرسال مقتطفات من تجاربهم خلال التدوين المسائي، مما يخلق جوًا من المشاركة والتفاعل.
وبين حين وآخر سيكون هناك محتوى تحفيزي على خاصية (القصة) في الإنستاغرام، يدور غالبًا حول التأمل الذاتي، والشفاء من الأخطاء، والتعامل معها بشكل بناء.
يمكن لمن يرغب أن يشاركننا تجربته مع التدوين المسائي، وكيف ساعده في تحسين حياته، مما يشجع الآخرين على الانضمام.
علمًا بأنه يمكن لأي شخص أن ينضم في أي وقت.. البرنامج مجاني، وخاص جدا لكل مشترك، فليس مطلوبًا منك أن تشاركنا ما تكتبه، يمكنك فقط الاشتراك في الرابط هنا، أو في الأسفل في نهاية المقالة، ومشاركتنا تعليقاتك على أي نشاط في أي وقت، أو إن كان لديك تعليق أو اقتراح، أما ما تكتبه فهو خاص بك، لذلك كن صادقًا وشفّافًا مع نفسك قدر الاستطاعة، كي تستفيد من البرنامج أقصى استفادة.
وضع البرنامج على حسابات التواصل الاجتماعي من باب الوصول لأكبر عدد، وتهيئتهم لبدء سنة جديدة بكثير من اللطف تجاه الذات، وكثير من الامتنان تجاه الماضي والحاضر، وكثير من الإقبال والتفاؤل تجاه المستقبل. وهو يصلح لهذا العام، ولكل عام، ولكل مرحلة في عمرنا، فنحن دائما نبدأ مراحل جديدة في حياتنا، ولا يرتبط الأمر بنهاية سنة وبداية سنة، لكنه توقيت مناسب لطرح البرنامج على الأقل، ولهذا اخترتُه.. حتى يكون خاتمة مناسبة للعام.
الهدف الأخير هو أن نجد هذه المساحة اليومية لتأمل الرحلة التي مررنا بها من طفولتنا حتى اليوم، لنكتشف ذواتنا في عملية مستمرة لن تتوقف بانتهاء العام، بل ستستمر، لأنها ستكون بمثابة نافذة فُتحت إلى الداخل هذه المرة، ولن تُغلق بسهولة، لأنها منحتنا فرصة التعرف على ذواتنا بعمق أكبر، ومكّنتنا من معرفة كيفية مواصلة النمو والتطور.
رابط التسجيل في البرنامج:
https://forms.gle/AvvNmLLrZCdWVabG8