تحفيز الأطفال على القراءة

منصة زدني التعليمية

تحفيز الأطفال على القراءة، القراءة المشتركة بين الأهل والطفل.

كيف نجعل من القراءة عادة يومية؟

بقلم الدكتورة فاطمة البريكي

 

لا يكاد يمر يوم دون أن تصلني رسالة أو أكثر، على الإنستاغرام  أو على الإيميل، تتضمن استفسارًا أزليًا من الأمهات تحديدًا عن كيفية إكساب أبنائهم عادة القراءة اليومية. ومن الطبيعي في ظل سعي المجتمعات الحديثة إلى بناء الإنسان، والقناعة التي صارت سائدة لدى الكثيرين بأن بناء الأوطان يعتمد على بناء الإنسان قبل العمران، أن يكون هذا الأمر هاجسًا مُلحًّا لدى الكثيرين من الأهالي الراغبين في أن يلحق أبناؤهم بالركب المعرفي في الوقت المناسب لسنّهم.

ولعل مشكلة العزوف عن القراءة لدى الأطفال باختلاف أعمارهم، وبغضّ النظر عن جنسهم، تُعد من أكبر المشكلات التي تواجه الأهالي والمعلمين في هذا الوقت، على الرغم من وفرة كتب الأطفال والمواد التعليمية مقارنة بما كان متاحًا قبل عقد أو عقدين من الزمان. إنها مشكلة عامة تشمل البنات والأولاد.

ومن الصعب أن نلوم الطفل على عزوفه عن القراءة، وعدم ميله للكتاب في ضوء المُغريات الكثيرة التي تحيط به من كل حدب وصوب، فهو يجد نفسه في البيت أكثر انجذابًا للأجهزة اللوحية وألعابها التفاعلية التي لا تُحصى ولا تعد، وللبرامج المتنوعة التي تعرضها القنوات الفضائية صباح مساء، والألعاب التي تملأ خزائن غرفته طوال الوقت. وخارج البيت تتنوع الأماكن الترفيهية لدرجة أنه لو خُصصت كل عطلة أسبوعية لزيارة أحدها لما كفاها عام كامل!

وأمام كل هذه المغريات، كيف سيجد الطفل الرغبة في الإمساك بكتاب؟ ناهيك عن الاستمتاع بفعل القراءة؟ لا بد أن تكون جلسات القراءة عالمًا خياليًا مبتكرًا، يجذب الطفل إلى فضاء الصفحات بديلًا عن فضاء الشاشات، وإلى تقليب الكتاب بصفحاته الملموسة بدلًا من تمرير الإصبع على سطح الشاشات الأملس لملفات وتطبيقات افتراضية موجودة ولكن غير ملموسة. لا بد من أن نجعلهم ينظرون إلى الكتاب بوصفه منافسًا شرسًا للأجهزة الإلكترونية والألعاب والأماكن الترفيهية، وليس خصمًا خجولًا يُصنَّف درجة ثانية أو ثالثة في المكانة والأهمية..

إلى كل الأمهات الحريصات على مستقبل أطفالهن، المؤمنات بأهمية القراءة ودور الكتاب في توسيع الفهم، وتنمية الذكاء، وتنمية الخيال، وإكساب أطفالهن شخصية أكثر ثقة بذاتها، وإيمانًا بقدراتها، وكفاءة وصلابةً للدخول في حوار معرفي بناء على ما تعلموه من الكتب، نقدم بعض النصائح للقراءة والتوجيهات المساعدة على تحبيب الأطفال بالقراءة، وربطهم بعادة القراءة اليومية:

  • تعويد الطفل على القراءة قبل النوم، وذلك بأن يقرأ الأب أو الأم للأطفال قصة قبل خلودهم للنوم، (القراءة المشتركة بين الأهل والطفل).
  • توفير كتب متناسبة مع أعمار الأطفال في مكتبة المنزل، وشرح هذا الأمر لهم، وتوضيح أنهم أحيانًا قد يقرؤون كتابًا لا يفهمونه ليس لخلل فيهم، بل لأن الكتاب قد يكون مخصصًا لعمر أكبر منهم.
  • اختيار كتب تشمل أسئلة فيها درجة مقبولة من العمق، وطرح الأسئلة على الأطفال بعدها، بحيث تكون إجابات الأسئلة متضمنة في الكتاب الذي قُرِئ للتوّ، وترك الأطفال يشعرون بلحظة الدهشة، واكتشاف أن الكتاب مصدر من مصادر المعرفة الجميلة.
  • توزيع الكتب في مواضع مختلفة من المنزل، وخصوصًا في غرفة الأطفال.
  • تنظيم حفلات خاصة بقراءة القصص، وابتكار طقوس تجعل أجواء القراءة القصصية مرحة، ومحببة، وجاذبة، وأيضًا مُنتظرة. وكل هذا يبدأ باختيار الكتاب المناسب، لذلك من المهم جدًا أن تكون الحفلة الأولى قراءة لكتاب فكاهي يجعلهم يضحكون حتى يتعبهم الضحك!
  • تمثيل القصة بعد قراءتها على أن يشترك في ذلك الجميع بمعنى الجميع، الكبار والصغار، وأن تغيب الحدود قليلًا في التفاعل مع الكتاب وتمثيله بإتقان، دون أن يغيب الاحترام المتبادل بالطبع.
  • تجهيز إحدى القصص بطريقة مسرح العرائس. وذلك بشراء مسرح عرائس جاهز، أو بصنعه باستخدام قماش قديم، وبعض الأوراق الملونة، وأعواد الآيس كريم.
  • تنظيم مسابقات تدور حول الكتب.

ومن الأفكار المقترحة للمسابقات:

  • أن نقدم لهم ثلاثة كتب، ونعطيهم سؤالًا، ونخبرهم أن إجابة السؤال موجودة في أحد هذه الكتب.
  • أن نقدم جائزة للطفل الذي سيقرأ أكبر عدد من الكتب خلال أسبوع. بشرط أن يقرأ في كل يوم، ولا يقرأ جميع الكتب في يوم واحد أو يومين.
  • ومن المفيد إن كان أطفالنا يحبون الرسم أن نربط بين الرسم والقراءة، فيرسم الطفل قصة من القصص بأسلوبه، وهذا يتطلب أن نقدم له نص القصة دون رسوماتها، كي نضمن أن يقرأ النص ولا يعيد رسم الرسومات بأسلوبه فقط.
  • ولكن الأهم من كل ذلك، هو أن نكون نحن القدوة… فالأطفال يحبون أن يقلدوا والديْهم في كل شيء، حتى في الإمساك بكتاب في ساعات الفراغ بدلًا من الانشغال بالهاتف.

شاركوني في التعليقات آراءكم حول هذا الموضوع، وخبراتكم وتجاربكم الخاصة. كما يمكنكم إرسالها لصندوق رسائلي الذي يكون أكثر ثراء بتواصلكم.

اترك تعليقاً